صحراء بريس / [b]الشاعـــــر هشـــــام الدللـــــــوري
خـــــيام ذكيـــــة
صباح خرج للتو من مخدعه،
يغسل محياه من مساحيق التجميل.
إذ تناول فطوره،
أعلن للناس أجمعين:
قد تحولت هاهنا إلى مذبحتين:
رجال يقدمون للصحراء فستانا أحمر
فيغتصبون خيامها.
ورجال كالنعام،لا رؤوس لهم
لما رأوا دمها.
من القتلى؟من القتلة؟
محمود غادر المخيم مهرولا ملثما.
كان قد ضرب خيمته بإزاء خبز،
ينضج شيئا فشيئا.
قيل له:
إن الصحراء مقطعة الأوصال..
ليس لها شريك في العقيدة..
مترامية..كثيرة السخاء.
أم محمود،
وضعت يدها أعلى الجبين ترقبه،
ترقب من ستصبح ثكلى عما قريب.
من القتلى؟ومن القتلة؟
بالمخيم،
قنينات غاز..زجاجات حارقة
خناجر..ركام حجارة..ألثمة..مقالع
وعلم وطني صنع بالعيون.
أين كانت عيونك يا محمود،
لما مرت أمامك صورة الضحية؟
أين كان خشوعك،
حين دخلت الصحراء ولم تقبلها؟
هذه الخيام، مشكوك في براءتها،
كأنها تذبح تحت مجهر النهار
لا محمود يعرف لما نصبت،
ولا الأهالي يعرفون
من القتلى ومن القتلة.
مع بزوغ الفجر،
كان كل شيء قد تم تقديره..
يدك المخيم عن بكرة أبيه.
من حصاره..إلى حصاره
إلى حرقه بما فيه.
فليست له مساحة في الجغرافيا،
وليست له سمعة في التاريخ.
لماذا العيون،
حين تستيقظ، يصيبها مرض
كأنه البياض..كأنه رمد؟
فكرة بسيطة صارت مخيما.
صار المخيم وجها آخر للنضال.
اشتباك رمزي يفضي إلى نار
والمقعدون من بورجوازية الصحراء،
المثخمون من شدة ما اقترفوا من بلادة
يقدمون العزاء عبر الأثير.
من القتلى؟ومن القتلة؟
هل كان محمود ومن معه
يحفظون أبياتا من شعر عنترة؟
في الشرف..في الشجاعة
في الفخر..في الحماسة؟
لم يقتنع يوما
أن تكون هذه الصحراء عينها
خماسية الأضلاع..
شكلها شكل دمية
بلا عيون..بلا طموح..بلا هوايات.
ما وراء شجر الطلح ..والسدر
ليس أكثر من بضع خيمات،
لأناس نزحوا للدفاع عن حصتهم من الرمل.
عدد القبائل لا يثير قلقا،
و الأعيان في صحة جيدة،يتبادلون التهانئ والقبلات.
اتسعت العيون
بقـي المخيم
فلا قتلى ولا قتلة‼
[/b]